سألي حبيبك .. إلى أين نحن ذاهبون
مهما كان نوع ومنحى حياتكما الزوجية، لابد لكما من البحث عن الحياة الزوجية الأفضل
يسود الكثير من العلاقات الزوجية الحب والتفاهم والإحترام، وتستمر فى تصاعد جميل رغم إنجاب الأطفال، والمرور بعثرات وصعوبات حياتية مختلفة ..ولايمكن الجزم هنا ما إذا كان هذا الزواج نتيجة تعارف أو صداقة، أم هى خطوبة تقليدية، إلا أن موضوع الحديث الآنى يدور حول الأسس التى يقوم عليها الزواج السليم، وكيف نضمن أن يظل سليماً مع مرور الأيام وما تحمله فى جعبتها من مفاجآت.
يحرص الزوجان السعيدان على مد جسور التواصل مع بعضهما البعض بالنقاش فى أمور الحياة عامة وحياتهما خاصة ، وتبادل الآراء والأفكار والمشاعر بصراحة ودونما مواربة، إذ ينتهزان من الوقت فراغه كلما سنح كفترة الغذاء أو المساء ليجلسا معاً ويتحدثان عن أمور حياتهما اليومية، وما يواجههما من مشكلات ، وما يتعلق بالأبناء وشؤون العائلة، وما يخصهما بعلاقتهما الحميمة، ومن المهم بمكان أن يعطى كل منهما للآخر الفرصة كى يعرب عن أفكاره ومشاعره دون أن يقاطعه الآخر أو ينتقده أو يسخر منه، وإنما الإستماع بهدؤ وصدر رحب متجاوباً بمودة وإحترام، وعلى الزوجين أيضاً أن يعتمدا منهاج الصراحة كأساس للتعامل فيما بينهما متوخين الصدق والوضوح، وليس هنالك بالطبع ما يسميه البعض بالكذب الأبيض فى الزواج، أى أن يقول الإنسان الحقيقة الأساسية بصدق ، ويزينها ببعض الكذبات البيض ! للتخفيف من وقع الحقيقة لو كانت مؤلمة وقاتمة ، وللحقيقة فالكذب هو الكذب مهما عمدنا لتلوينه ـ أبيض أو أسود أو حتى وردى !ـ والصحيح أن نروى الحقيقة كما هى بصدق وصراحة لشريك حياتنا ، ولو كانت قاسية بعض الشيء، وبالإمكان التخفيف عن الطرف الآخر من خلال مواساته والربت على الظهر، أو الكتف أو تدليك الكف عند قص تلك الحكاية القاتمة ، والقبل والعناق هى أيضاً من وسائل المواساة ـ بين المتزوجين فقط ـ وهذه الطريقة تزيد العلاقة الزوجية قوة ودفئاً.
الحب وحده لا يكفي
يقول خبراء علم النفس أن الحب وحده لا يكفي، فالإنسان يجرب الحب فى لحظة من لحظات حياته إلا أن الحب أنواع، فهنالك الحب القائم على الرغبة، والحب الذى تسيطر عليه الغيرة المريضة، والحب الأنانى والمتملك، والحب المتهور الذى ينهار مع أول إنتكاسة، والحب السطحى والذى قوامه الفتنة بالمظهر الخارجى أو المركز أو المال والذى ينهار عقب أول تجربة حقيقة، وأصدق أنواع الحب وأمتنها هو ذاك الذى يحب فيه الزوج زوجته لذاتها، وتحب الزوجة فيه الزوج لذاته، عندها وفى هذه الحالة فقط يشعر الزوجان كل منهما بالراحة والسعادة والأمان لو شعر بالمثل أن الطرف الآخر فى العلاقة مرتاح سعيد، ومطمئن.
وبعيداً عن الإطناب الممل يمكن القول أن الإعزاز والمودة هما أساس الرابطة المقدسة بين أى زوجين كونهما أهدأ وأعمق أثراً من أى عاطفة أخرى متوهجة، ولابد أيضاً من الثقة بين الزوجين وإلا لما اختارا بعضهما دوناً عن البشر، أن يثق بها وأن تثق به وأن يكونا واسعى الأفق والتفكير، بحيث لا يكون هنالك مجال للظن ببعضهما أو لوجود أسرار بينهما أو كذب.
فلو قال الزوج مثلاً: أنه ذاهب لعشاء عمل وتأخر هناك، فذلك ربما مرده لسبب قهرى كتعطل السيارة بالطريق أو عمل طارئ أو...الأساس بإحترام إنسانية الآخر يمكن أن تقوم المحبة إلا على أساس متين من التقدير والإحترام بين الزوجين، فالإحترام هو من يؤكد الشخصية والشعور بقيمة الذات مع إستمرار العلاقة الزوجية فى النمو والتطور، وقد يختلف الزوجان ببعض الأمور وهذا أمر طبيعى لاغبار عليه .
ومع ذلك فكل منهما لابد أن يعبر عن رأيه بصراحة ودون محاباة ، لكن فى جو من التفاهم والإحترام ، على أساس أن لكل إنسان رؤيته للأمور وتفكيره الخاص، ومع كل ذلك فتبادل العبارات اللطيفة الدالة على الإعتزاز والمحبة تعمق الرابطة بين الزوجين فلكلمات الغزل الرقيقة مفعول السحر بنفوس المحبين والمتزوجين.
ومن الجميل حقاً أن تقترن العلاقة ببعض التصرفات الدالة على الحب والإهتمام ، كأن يساعد الزوج زوجته دونما طلب منها، أو أن يقدم لها الهدايا، أو أن تعد الزوجة لزوجها أكلته المفضلة، ولا تنسى يوم ميلاده وتفاجأه فى السنة الجديدة بما يحب ويهوي، ومثل هذه الأساليب الرقيقة والبسيطة تدعم العلاقة بين الزوجين وتنعشها.
لن اتنازل ..لا تتنازل
أن تتنازل هى أو أن يتنازل هو ولو قليلاً أمر لا يمس بكرامة أحدهما ومكانته كى يضمنا سعادة أكبر. والتراضى بين الزوجين يشعرهما أنهما معاً دوماً وأبداً وإن كان كل منهما يعمل فى بلد، وأنهما يقفان على الأرضية الصلبة ذاتها ، ومن الأفضل عند حصول خلاف ولو بسيط بينهما محاولة التوصل لحل وسط بتنازل أحدهما أو كليهما ولو قليلاً، إرضاءً للطرف الآخر والوصول لإتفاق يرضيهما ويقنعهما دون أن يزعجهما مثلما يحدث عند تربية الأطفال ، أو القيام ببعض الأعمال المنزلية، أو كيفية تمضية الإجازة الصيفية، أو تأثيث المنزل وشراء بعض من لوازمه، وللحقيقة فالأزواج السعداء هم من لا يحمل حقداً أو ضغينة فى أنفسهم والتسامح أن ينسى كل منهما المضايقات البسيطة والعثرات التى تصادف حياتهما بين فينة وأخرى ، ولو كان هنالك خطأ كبير فالتسامح والحب هما الحل الأكبر، ومن الخطأ الجسيم كتمان الغضب أو بالمقابل إطلاق العنان لنوبات الغضب، نسخط ونستاء بها فى وجه الآخر، ولابد دوماً أن تكون العلاقة موسومة بالمرح والفكاهة وهذا يساعد على التغلب على المصاعب ويخفف من وقع المشاكل على نفس كل من بالبيت، يزيل الإحساس بالحرج ملطفاً الأجواء، مستعمراً قلب الزوجين بالحب والمرح والسعادة .ولابد ألا ننسى أن الصلاة تهذب النفوس وتمنحها الطمأنينة وتؤدب الطبائع، عاملة على إزالة رواسب المشكلات والمتاعب السابقة، وصلاة الزوج مع زوجته يزيد من ترابطهما ومن مشاعر الإحترام والحب بينهما، معمقاً الإحساس بالصلة والمصير الواحد المشترك.